اقتصاد السوق ( market economy ) يمثل إحدى روافد اقتصاديات الدول الرأسمالية، والصناعية الكبرى، ويعتبر المفهوم الأساسي لأكثر الاقتصاديات المستحدثة شيوعاً، مر بالعديد من التعريفات والتحديثات على مدار التاريخ، وكان أول من وضع مفهوماً عاما له آدم سميث في كتابه ثروة الأمم، حيث تحدث فيه عن نظرية تشجيع الاقتصاديات الحرة، ثم بدأ يتطور تدريجياً حتى وضع له الألمان على يد ألفريد آرماك منهجاً عاما يوضح اقتصاد السوق، الذي يجمع بين الشكل الرأسمالي والاشتراكي، وهو ما جعل الدول الأوروبية الأخرى تنتهج نهج الألمان، مما أدى إلى حدوث معجزة اقتصادية بتلك الدول بعد الحرب العالمية جعلت لها مكانة اقتصادية مرموقة بين جميع دول العالم.
تعريف اقتصاد السوق
- اقتصاد السوق بمفهومه البسيط هو إدارة الموارد المتاحة طبقا لمفهوم التبادل الاقتصادي بين الأشخاص، من المال أو المواد الأخرى، تعتمد القيمة المالية لتلك الموارد المتبادلة على مدى وجودها أو ندرتها، فإذا كان المعروض من المورد منخفضاً، والطلب مرتفعاً، سيكون السعر مرتفعاً،
- وإذا كان المعروض مرتفعا والطلب منخفضاً سيقل سعر المورد، وتحدث تلك العملية طواعية دون التدخل من الدول بوضع قوانين عليها، حيث أن اقتصاد السوق هو اقتصاد يمتلك فيه الأفراد الموارد والسلع ويتحكمون في معظمها،
- من خلال معاملات السوق التي يحكمها طريقة العرض والطلب، فيما يقتصر دور الحكومات على ضمان تطبيق قواعد السوق وتطبيقها بشكل عادل على جميع الأفراد، إلى جانب ذلك فإن مشاركة الحكومة في تخطيط وتوجيه التنمية الاقتصادية تكون محدودة للغاية.
أنواع اقتصاد السوق
حسب تعريف اقتصاد السوق فإن كل عملية نشاط اقتصادي تتم بين الأفراد هي نوع من أنواع اقتصاد السوق، قد يكون هذا النشاط تبادليا بين السلعة والقيمة السوقية المالية لها، أو بين سلعة مقابل سلعة، أو خدمة مقابل قيمة مالية، كما تعتمد عمليات الاستيراد والتصدير بين الدول نظرية الاقتصاد السوقي ولكن بمفهوم أشمل، يشمل العديد من القوانين المنظمة له، من أنواع اقتصاد السوق:
الأسواق الفعلية
- يطلق عليه السوق المادي، وهو من أقدم الاقتصاديات تاريخياً، حيث يعتمد على ثلاثة عناصر أساسية، وهم المشترى والبائع والسلعة، يتم مقابلة البائعين فِعْلِيًّا وشراء البضائع المطلوبة منهم مقابل المال، من أهم الأمثلة على الأسواق المادية مراكز التسوق والمتاجر، ومتاجر البيع بالتجزئة.
الأسواق الافتراضية
- لم تكن فكرة الأسواق الافتراضية قديما، إلا مجرد محاولات لبيع السلع عبر الهواتف، ومع التقدم التكنولوجي في عالم الاتصالات، أصبحت جزءا هاما في عالم الاقتصاد السوقي، حيث يشتري المشترون السلع والخدمات عبر الإنترنت، من خلال الدفع الآلي، ولا يلتقي المشترون والبائعون أو يتفاعلون جَسَدِيًّا.
اقرأ أيضاً: 2 من أنواع السوق في الإقتصاد والفرق بين كل نوع
أسواق المزاد
تعتبر من أهم أنواع اقتصاد السوق وأكثرها شيوعاً، حيث يتم فيها عرض البضائع بسعر أقل من قيمته السوقية، ثم تباع بأعلى سعر، يتم تحديد القيمة المالية للبضائع عن طريق المثمن، ثم البائع وصاحب البضاعة المعروضة.
الأسواق الخدمية
تشمل كل خدمة يحصل عليها الفرد مقابل دفع قيمة معينة، مثل خدمات توصيل الطلبات، ودفع الرسوم على الأوراق الحكومية، وخدمات السوشيال ميديا، وغيرها.
الأسواق المالية
وهو عبارة عن تبادل الأوراق المالية، والسندات، والعملات الأجنبية، تخضع هذه الأسواق إلى الإشراف الحكومي الكامل.
السوق السوداء
أحد أنواع اقتصاد السوق غير القانونية، تعمل بعض الدول على محاربة أنشطة الأسواق السوداء، بينما تهمل دولا أخرى الإجراءات القانونية ضدها، لما لها من تأثير هام في إدارة مواردها، أصبح السوق السوداء تهديداً مباشراً للحكومات في العالم، وتهديدات للأمن والسلم الاجتماعي، حيث تمارس فيه الأنشطة الاقتصادية الملوثة، مثل تجارة المخدرات، والدعارة، والسلاح.
نظام اقتصاد السوق
يعتمد نظام اقتصاد السوق على الملكية الخاصة للأفراد، مما يساعد أصحاب العمل على البيع والشراء، وإبرام العقود، ولكن يجب على العاملين في نظام اقتصاد السوق الحر، أن يتقيدوا بمجموعة عوامل تعد أسباباً للنجاح،
وهي طبيعة السعر الخاص بشراء أو بيع المنتجات والخدمات، وكذلك كمية رأس المال الخاص بكل صاحب شركة، يتسم نظام اقتصاد السوق على زيادة الإنتاج وكفاءته، حيث يسعى أصحاب الشركات لدعم المنافسة، ومنع الاحتكار، والتطور في سبل إدارة المنتج، ومن أهم محاور نظام اقتصاد السوق الحر
- السلعة المقدمة.
- صاحب الخدمة أو السلعة (البائع).
- المستفيد (المشتري أو الوسيط).
- القيمة السوقية (المبلغ المالي المحدد بحسب نظام السوق).
- المنافسة.
- الكفاءة الإنتاجية.
- الرقابة الحكومية.
- إدارة الموارد المتاحة.
عيوب اقتصاد السوق
نطاقات إنتاج محدود
- على مر التاريخ ظلت إدارة موارد البلدان تحت تصرف الحكومات، من الصعب أن يتدخل نظام السوق في إدارة الثروات الطبيعية المتاحة، مثل الطاقة، والذهب، والمعادن، لذلك فإن أغلب شركات السوق الحر، لا تتمتع بحريات اقتصادية كاملة مما يتسبب في عدم إمكانية مشاركة القطاع الخاص للقطاع الحكومي نظريا،
- أو تخصيص هوامش ربح غير مقبولة في الشركات، في تلك الحالات يلجأ اقتصاد السوق، إلى إنتاج السلع والخدمات غير الربحية بشكل عام، ويمكن هذا أن يحد من نطاق السلع المعروضة للمستهلكين، أو كثرة المعروض من سلعة معينة، وانخفاضها على سلع أخرى، مما يتسبب في ارتفاع سلعة دون أخرى، والتأثير المباشر على مجموعات معينة من المستهلكين، والمستثمرين.
مخاطر دافعي الأرباح
- يعتبر الهدف الأساسي لأي شركة في اقتصاد السوق الحر هو تحقيق الربح، ولهذا السبب تعمل الكثير من الشركات العاملة في مجال اقتصاد السوق على الحد من المصروفات الرئيسية، والاستعداد لمخاطر الأرباح، ولتحقيق ذلك يتم التغاضي عن بعض أخلاقيات السوق الحر، ومنها سلامة العمال، والمعايير البيئية، والسلوك الأخلاقي لتحقيق تلك الأرباح،
- وقد يتسبب ذلك في حدوث الكثير من الكوارث الإنسانية على مدار تاريخ اقتصاد السوق الحر منها ما يتعلق بحوادث بسبب عيوب صناعية، أو انتشار الأمراض بسبب استخدام المواد الخام المضرة للإنسان، بالإضافة إلى وجود العديد من مشاكل العاملين داخل تلك المنظومة أما بتدني الرواتب، أو عدم الرعاية الصحية.
الاحتكار
- تسعى جميع دول العالم إلى الرقابة على الأسواق، والدعوة إلى توفير جميع السلع، ولكن مع تلك الدعوات تظل حالات الاحتكار من المحركات الرئيسية لاقتصاد السوق الحر، وهو أحد أسوأ عيوبه، والسبب الرئيسي في وضع قيمة مالية لا تعتمد على التنافسية،
- ينتشر الاحتكار في دول ذات قوانين ضعيفة وغير فاعلة في الرقابة المالية والاقتصادية، وكذلك الدول التي ترتفع بها معدلات الفساد، وخاصة في أفريقيا وبعض الدول النامية، وبينما تعتمد الدول الاقتصادية على نظام اقتصاد السوق إلا أنها تملك من القوانين الكافية لإدارة هذا الاقتصاد بكل شفافية.
ننصحك بقراءة:
إخفاقات السوق ( مطبات السوق)
- في عام 2008، بعد انهيار سوق العقارات في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد الآلاف من العاملين في هذا المجال وظائفهم، وتشرد الملايين، يحدث إخفاق السوق بسبب ارتفاع الضرائب الحكومية، أو الجشع لدى بعض الناس، أو الحد الائتماني الكبير الذي يحصل عليه المستثمرون من البنوك،
- ثم الهروب بتلك الأموال، الأمر الذي قد يحدث خللا عاما في السوق، وقد نشأ العديد من هذه الإخفاقات في مصر، على أيدي مجموعة من رجال الأعمال الذين تورطوا في شركات توظيف الأموال، مثل الريان والشريف، وغيرهم، ثم سرعان ما بدأت الدولة في رفع حد التدخل الحكومي بإحكام بعض القوانين المنظمة.
الفجوة الاجتماعية والاقتصادية.
- من مساوئ الاقتصاد الحر خلق فجوات اجتماعية واقتصادية كبيرة، خاصة في ظل تملك فئة معينة إدارة الموارد، مع تدني منظومة أجور العاملين لديهم، دون التدخل الحكومي، تعمل الدول على سد تلك الفجوة من خلال منح قروض ميسرة للشباب لامتلاك الأنشطة الاقتصادية الصغيرة، التي يمكن من خلالها كثرة المعروض من السلع التي تؤدي بدورها إلى خلق تنافسية سعرية، وتحقيق ربح أفضل.
- اقتصاد السوق هو نظام اقتصادي يتم فيه توجيه إنتاج السلع والخدمات بواسطة قوانين العرض والطلب، ورغم الكثير من مساوئه إلا أنه أصبح الاستراتيجية الأولى فى إدارة أغلب الاقتصاديات المستحدثة في العالم، ومع ضمان الوصول إلى أعلى مستوى من كفاءة إدارته، يحب على الكثير من الدول وضع القوانين المنظمة لإدارته، دون التدخل إلا في حالات الاحتكار، و مخالفة القواعد الصارمة بديهات اقتصاد السوق.